القائمة الرئيسية

الصفحات

المساطر الخاصة في قانون المسطرة المدنية (مسطرة الأمر بالأداء - قضاء الأمور المستعجلة) نموذجا

المساطر الخاصة في قانون المسطرة المدنية (مسطرة الأمر بالأداء - قضاء الأمور المستعجلة) نموذجا


  • مقدمة

يهدف قانون المسطرة المدنية بشكل عام إلى حماية حقوق المتقاضين مدعين كانوا أو مدعى عليهم ، غير أن هذه الحماية لا تتحقق على الوجه الذي يتوخاه هؤلاء بسبب طول الإجراءات و بطئها ، خاصة في بعض الحالات لا يمكن انتظار الآجال التي ينص عليها القانون ، لأن من شأن ذلك تفويت الحقوق على أصحابها و إلحاق أضرار بمصالحهم ، لذلك عمد التشريع الإجرائي المغربي كغيره من التشريعات الأخرى إلى تخصيص قواعد متميزة البعض المنازعات تساير طابعها الاستعجالي ، وتعرف هذه القواعد بالمساطر الاستعجالية ( المساطر الخاصة ) ، فالمساطر الاستعجالية ضمانة أخرى يمنحها قانون المسطرة المدنية للمتقاضين إذ يصبح التقييد بالآجال و الإجراءات العادية غير كاف للحفاظ على حقوقهم ، الأمر الذي دفع المشرع إلى تخصيص نصوص فريدة تعالج القضايا التي تتميز بالطابع الاستعجالي ، وهي في القانون المغربي ، الأوامر المبنية على طلب و مسطرة الأمر بالأداء و قضايا الأمور المستعجلة بمفهومها الضيق المنصوص عليها في الفصول من 149 إلى 154 من قانون المسطرة المدنية .
وليعهد الاختصاص إلى قضايا الأمور المستعجلة لابد من توفر مجموعة من الشروط منها ما هو موضوعي ومنها ما هو شكلي ولا مناص من توافر جهة خاصة تبث في هذا النوع من القضايا و إلا عاد الأمر للقضاء العادي الذي يختص مبدئيا في كل القضايا المعروضة على المحاكم .

  • التصميم :

المبحث الأول : مسطرة الأمر بالأداء .

المبحث الثاني : قضاء الأمور المستعجلة

المبحث الأول : مسطرة الأمر بالأداء.


تعتبر مسطرة الأمر بالأداء أحد المساطر الاستعجالية التي نص عليها المشرع المغربي في قانون المسطرة المدنية فللبحث عنها لابد من التركيز على الشروط المتطلبة قانونا هذه المسطرة و الجهة المخول لها قانونا البث فيها ( المطلب الأول ) وكذلك على كيفية الطعن في الأوامر الصادر بشأنها وتنفيذها ( المطلب الثاني ) .

المطلب الأول : الشروط المتطلبة في مسطرة الأمر بالأداء و الجهة المختصة.

أحدث المشرع المغربي مسطرة الأمر بالأداء لأول مرة بمقتضى ظهير 20 يناير 1951 وقد استلهم المشرع مقتضيات هذه المسطرة من المشرع الفرنسي . تتميز هذه المسطرة ببساطة إجراءاتها و السرعة في البت ، وذلك كله من أجل تحقيق مصالح الدائنين دوي الديون الثابتة على الغير . ولأهميتها صدر القانون رقم 1.13 الصادر بتاريخ 66 مارس 2014 ينسخ ويعوض الفصول المتعلقة بمسطرة الأمر بالأداء .

  • الفقرة الأولى : شروط مسطرة الأمر بالأداء .

الوقوف عند الشروط المتطلبة في مسطرة الأمر بالأداء يقتضي وبالضرورة البحث في الشروط الموضوعية وكذا الشروط الشكلية وفق ما يلي :

  • أولا :الشروط الموضوعية 

بالرجوع إلى الفصل 155 المعدل بالقانون 1.13 لسنة 2014 من قانون المسطرة المدنية فإنه يقضي بأنه : " يمكن إجراء مسطرة الأمر بالأداء في كل طلب تأدية مبلغ مالي يتجاوز خمسة آلاف درهم ( 5000 درهم ) مستحق بموجب ورقة تجارية أو سند رسمي أو اعتراف بدين " . و كذلك ينص الفصل 157 من ذات القانون على أنه : " لا يقبل الطلب إذا كان من الواجب تبليغه بالخارج أو إذا لم يكن للمدين موطن معروف بتراب المملكة . من خلال النصين المذكورين يمكن القول أن شروط مسطرة الأمر بالأداء الموضوعية هي خمسة شروط أساسية :

  • - الشرط الأول : 

الذي يتعين تحققه لسلوك مسطرة الأمر بالأداء بمبلغ الدين الذي يطالب بأدائه . فحسب مقتضيات الفصل 155 أعلاه من قانون المسطرة المدنية ، لا نكون بصدد مسطرة الأمر بالأداء متى تقدم الطالب إلى الجهة المختصة بطلب يرمي إلى وفاء الملتزم بالتزام لا يكتسي صبغة مبلغ من المال . وعلى هذا الأساس فإنه لا يجوز أن يكون موضوع مسطرة الأمر بالأداء كالطلب الرامي إلى القيام بعمل أو الامتناع عن القيام به ولو كان ثابتا في سند .

  • - الشرط الثاني : 

يتجلى في تجاوز المبلغ المالي لخمسة آلاف درهم ، حيث أن المشرع حصر الحق في سلوك هذه المسطرة على الدائنين بحيث يجب أن تتجاوز قيمة الدين الذين يسعون لاستخلاصه 5000 درهم . غير أن هذا القدر مقتصر على أصل الدين ولا يشمل المصاريف و الصوائر التي قد يكون الدائن أنفقها للحصول على دينه .
  • - الشرط الثالث : 

ويتعلق كذلك بالمبلغ المالي موضوع المطالبة والذي اشترط فيه المشرع الكتابة ، فحسب مقتضيات الفصل 155 من قانون المسطرة المدنية يجب أن يكون المبلغ المالي الذي يطالب به الدائن مكتوب وأن يكون مستحق الأداء بموجب ورقة تجارية أو سند رسمي أو اعتراف بدين موقع عليه من لدن المدين على نحو لا يترك مجالا للشك كما يتعين أن يكون مستحق الأداء وقت المطالبة القضائية .

  • - الشرط الرابع : 

يجب أن يكون الطلب واجب التبليغ بالمغرب وأن يكون موطن المدين معروفا بالمغرب ، حيث نص على هذين الشرطين المترابطين الفصل 157 من قانون المسطرة المدنية ، ومفاد ذلك أن المشرع يتطلب علاوة على الشروط السابقة المتعلقة بصفات الدين ومقداره ، أن يتوفر المدين على موطن معروف بتراب المملكة .
وبالتالي لا يقبل كل طلب يرمي تبليغه بالخارج ، لأن ذلك من شأنه أن يثقل كاهل المدين متى أراد الطعن في المسطرة فضلا عن أنه معرض لعدة صعوبات تكمن في أن التبليغ قد يستغرق مدة طويلة أو حينما يكون عنوانه مجهولا .
وتجدر الإشارة إلى أنه إذا كان موطن المدين غير معروف بتراب المملكة أو إذا كان من الواجب تبليغه بالخارج فإن مصير الطلب هو عدم القبول ، وهذا استنادا للفصل 157 من قانون المسطرة المدنية .

  • - الشرط الخامس :

 يتمثل في ألا يكون المدين في حالة تصفية أو تسوية قضائية ولا يكون قد صدر في حقه حكم فتح مساطر صعوبات المقاولة وهذا الشرط اورده المشرع في مدونة التجارة .

  • ثانيا : الشروط الشكلية

السلوك مسطرة الأمر بالأداء لابد من توفر شروط شكلية تبين الطريقة التي يمكن رفع الطلب فيها حيث بالرجوع إلى الفصل 156 من ق . م . م فانه " يجب أن يتضمن المقال الاسم العائلي والشخصي ومهنة وموطن أو محل إقامة الأطراف ، وإذا كان أحد الأطراف شركة وجب أن يتضمن المقال اسمها ونوعها ومركزها مع البيان الدقيق للمبلغ المطلوب وموجب الطلب .
يجب أن يعزز هذا المقال بأصل السند الذي يثبت أساس الدين وصورة أو صور طبق الأصل عنه بعدد المدينين .
وعليه ، فإنه ينبغي أن تقديم هذا الطلب إما بمقال مكتوب موقع عليه من طرف المدعي أو وكيله ، وأن يتضمن كافة البيانات الضرورية التي يفرضها قانون المسطرة المدنية في جل المقالات عموما كما حددها الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية .
إذ يلزم كذلك ذكر المبلغ المطلوب أداؤه بدقة ، وبيان السبب القانوني للمطالبة به ، ويرفق بالسند المثبت للدين وبنسخة أو عدد من النسخ طبق الأصل منه بعدد المدينين ، ثم يؤدى عنه بطبيعة الحال الرسم القضائي الذي حدده له المشرع .

  • الفقرة الثانية : الجهة المختصة بالبث في طلب الأمر بالأداء.

ينص الفصل 158 من قانون المسطرة المدنية على أنه : " يختص رئيس المحكمة الابتدائية أو من ينوب عنه بالبت في مقالات الأمر بالأداء .
إذا ظهر لرئيس المحكمة أن الدين ثابت ومستحق الأداء إما جزئيا أو كليا أصدر أمرا بقبول الطلب قاضيا على المدين بأداء أصل الدين والمصاريف والفوائد عند الاقتضاء ، إذا ظهر خلاف ذلك ، أصدر أمرا معللا برفض الطلب ، لا يقبل الأمر بالرفض أي طعن ، يبقى للطالب في حالة رفض الطلب أو قبوله جزئيا ، الحق في اللجوء إلى المحكمة المختصة وفق الإجراءات العادية " .
فالجهة القضائية التي ينعقد إليها الاختصاص للبت في مقالات الأمر بالأداء قد حصرها المشرع حسب الفصل أعلاه في رئيس المحكمة الابتدائية أو من ينوب عنه ، بعدما كان الأمر في النص المنسوخ لسنة 1974 يجعل النظر في مقالات الأمر بالأداء موكولا لرئيس المحكمة وحده دون غيره . وحسنا فعل المشرع ، لأنه في الواقع يعد اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية وحده بالنظر في مقالات الأمر بالأداء حسب منطوق الفصل 158 مسألة صعبة التطبيق سيما إذا علمنا أن مشاغل ومسؤوليات الرئيس كثيرة ومتعددة ، حيث يتعذر عمليا أن يباشر كل المهام التي عهد بها المشرع إليه .
إذ ينظر فيها في مكتبه ، في غياب الخصوم ودون حضور كاتب الضبط ، ودون مرافعة ، ثم يصدر أمره في نطاق المقتضيات القانونية المتعلقة بمسطرة الأمر بالأداء .

المطلب الثاني : الطعن في أوامر الأمر بالأداء و تنفيذها.

قد يحدث أن يصدر الأمر بالأداء ويمس مصلحة أحد الأطراف ، أي أن هذا الأمر قد يكون في صالح أحد الطرفين على حساب الطرف الأخر ، وخول المشرع الطعن في هذا النوع الأوامر متى أمكن ذلك ، كما أنه من خصوصيات هذه المسطرة أن الأمر بالأداء يكون مشمولا بالنفاذ المعجل بقوة القانون .

من خلال ما تقدم نتساءل : ما هي خصوصيات الطعن في الأمر بالأداء ؟ وما هي المسطرة المتبعة في تنفيذ هذا النوع من الأوامر ؟

  • الفقرة الأولى : خصوصيات الطعن في الأوامر بالأداء.

من أجل تحديد كيفية الطعن في أوامر الأداء يتوجب التميز بين حالة قبول الطلب أولا و حالة رفض الطلب ثانيا .

  • أولا : حالة قبول الطلب:

في حالة قرر رئيس المحكمة الحكم بقبول الطلب المتعلق بأداء دين ، سواء أكان هذا القبول كليا أو جزئيا فإنه يصبح قابلا للتنفيذ بمجرد صدوره ، دون الأخذ بعين الاعتبار التدقيق في إذا ما شمل القبول مبلغ الدين كله أو جزءا منه فقط ، ما يجعله غير خاضع لأية وسيلة من وسائل الطعن القانونية باستثناء التعرض .
وبذلك فيمكن للمدين الطعن في القرار الصادر في حقه بأداء دين معين عن طريق رفع مقال مكتوب إلى المحكمة التي أصدر رئيسها الحكم المطعون فيه ، داخل أجل أقصاه 15 يوما من تاريخ التبليغ أي من تاريخ تبليغه بالحكم ، كما يترتب عن هذا الطعن إيقاف الحكم سواء بصفة كلية أو جزئية إذ أن الحكم الذي تصدره المحكمة بخصوص نفس التعرض يعد قابل للاستئناف ، داخل أجل 15 يوما من تاريخ التبليغ أمام محكمة الاستئناف.
وعلى غرار نظيرتها فلهذه الأخيرة أيضا أن تأمر بإيقاف تنفيذ الحكم المطعون فيه بالاستئناف إما كليا أو جزئيا . إلا أنه يشترط في هذا القرار أن يكون معللة وبناء على طلب المدين ، فسواء تعلق الأمر بالتعرض أو الاستئناف فإن القاضي ملزم بالبت في طلب الطعن في أجل أقصاه ثلاثة أشهر فإن ظهر للمحكمة أن طالب التعرض أو الاستئناف يهدف من خلال طعنه إلى التماطل و اختلاق الأعذار للتهرب من أداء الدين ، جاز للمحكمة أن تلزمه بدفع تعويض الفائدة الخزينة يتراوح مقداره من المبلغ موضوع الطلب أي الدين . مابين 5 % و 15 % .


  • ثانيا : حالة رفض الطلب .

حسب ما نصت عليه المادة 158 من قانون المسطرة المدنية فإن الحكم الصادر برفض طلب الأمر بالأداء ، يعتبر غير قابل للطعن بأية وسيلة من وسائل الطعن القانونية " . . . لا يقبل الأمر بالرفض أي طعن . . . " وعليه فإن الحكم الصادر بالرفض يعد غير قابل للطعن .
فالحكم برفض طلبه المستعجل لاستيفاء الدين لا يسقط حقه في اللجوء إلى القضاء العادي ويظل محتفظ بهذا الحق سواء رفض طلبه كليا أو تم قبوله جزئيا فقط ، فإن تم قبول جزء محدد دينه فقط وحكم على الباقي بالرفض ، أن له اللجوء إلى القضاء العادي للمطالبة بالجزء المتبقي من دينه ، وذلك بسلوك المسطرة العادية.
الفقرة الثانية :
تنفيذ أوامر الأداء:
بالرجوع إلى الفصل 160 من قانون المسطرة المدنية فإنه " يكون الأمر الصادر بالأداء قابلا التنفيذ بمجرد صدوره ولا يقبل أي طعن غير التعرض " وينص كذلك الفصل 163 من ق . م . م أنه " إذا لم ينفذ المدين الصادر ضده أو لم يقدم طلب الاستئناف في ظرف الثمانية أيام الموالية للتبليغ المسلم له شخصيا أو موطنه فإن الأمر بالأداء يصير بحكم القانون قابلا للتنفيذ المعجل على الأصل " من خلال هذين الفصلين يتضح أن الأمر بالأداء قابل للتنفيذ بمجرد صدوره و أنه لا يطعن فيه إلا بالتعرض ، وهذا موقف جديد للمشرع في تنفيذ الأمر بالأداء ، إذ بعدما كان يستعمل التنفيذ المعجل بالنسبة للأمر الذي لم يطعن فيه صاحبه داخل اجل ثمانية أيام وفق نصوص سنة 1974 . أصبح يتحدث عن القابلية للتنفيذ بمجرد الصدور وهذه مسألة محمودة و تحسب المشرع في تعديل 2014 إذ لا يتعلق الأمر بالتنفيذ المعجل و إنما بالقابلية للتنفيذ بمجرد صدور الأمر بالأداء .

المبحث الثاني : قضاء الأمور المستعجلة

يستدعي قضاء الأمور المستعجلة في دراسته الحديث عن الشروط الموضوعية و الشروط الشكلية و كذلك الجهة المختصة قانونا البث فيه ( المطلب الأول ) ، قبل بسط الطرق التي خولها القانون لذوي المصلحة للطعن في الأوامر الاستعجالية و دراسة طرق تنفيذها ( المطلب الثاني ) .

المطلب الأول : شروط قضاء الأمور المستعجلة و الجهة المختصة بالبث فيها.

إن القضاء الاستعجالي أو قضاء الأمور المستعجلة هو ذلك النوع من القضاء الذي يبت في القضايا والمسائل التي يخشى عليها من فوات الوقت ، أو من خطر عاجل يهددها وذلك وفق مسطرة وشروط خاصة.

  • الفقرة الأولى : شروط قضاء الأمور المستعجلة:
  • أولا - الشروط الموضوعية :
  • 1 - عنصر الاستعجال

بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 149 من ق . م . م . في فقرته الأولى التي تنص على " أنه يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده بالبث بصفته قاضي للمستعجلات . . . "
نجد أن المشرع لم يتطرق لتعريف عنصر الاستعجال أو يضع له ضابط أو يبين الحالات التي يقوم فيها , وذلك إدراكا منه بكون حالة الاستعجال تتغير حسب ظروف الدعوى وطبيعة الحق المراد الحفاظ عليه الشيء الذي يدفع بالقاضي إلى استنتاجه من ملابسات كل قضية على حدة .وفي المقابل نجد أن هناك اتجاهات أخرى عملت على تعريفه كما يلي :
بكونه الخطر الحقيقي المحدق بالحق المراد الحفاظ عليه والذي يلزم درؤه عنه بسرعة لا تكون عادية في التقاضي العادي ولو قصرت مواعيده " ويقصد به في تعريف آخر حالة من الحالات تقتضي تدبيرا فوريا يخشى إن لم يتخذ هذا التدبير حدوث ضرر لا يمكن تداركه في المستقبل " إذ يقوم الاستعجال على مجموعة من المقومات وهي :

ـ أن يكون ثمة خطر حقيقي يهدد حقا مشروع .
ـ أن يكون الخطر مما لا يمكن تداركه أو مما يخشى تفاقم أمره.
- أن يكون الخطر عاجلا يقتضي تلا فيه سلوك مسطرة.
استعجالية خاصة.

  • 2 - عدم المساس بالجوهر :

الم يضع المشرع المغربي تعريفا لمبدأ " عدم المساس بالجوهر أو الموضوع " وإنما اكتفي بالإشارة إليه في الفصل 152 من قانون المسطرة المدنية حيث نص على أنه " لا يثبت الأوامر الاستعجالية إلا في الإجراءات الوقتية ولا تمس بما يمكن أن يقضي به في الجوهر .
ويستفاد من مضمون المادة أعلاه أنه لا يمكن لقاضي المستعجلات عندما يعرض عليه الطلب البث في جوهر الدعوى كالحكم بالبطلان أو الفسخ أو انتزاع الحيازة لكونه غير مختص في ذلك ولزمه أن يترك البث فيها للجهة المختصة.
وعليه فقاضي المستعجلات يتعين عليه عدم المساس بالموضوع أو الجوهر غير أن هذا لا يمنع من أن يتفحص موضوع الدعوى بشكل عرضي وبالقدر الذي يكفي لتكوين قناعته كما لو تقدم شخص بطلب يرمي إلى وضع مال مشترك متنازع فيه تحث الحراسة القضائية ففي هذه الحالة من اللازم على القاضي الأمور المستعجلة أن يتأكد من وجود الشركة ومن بقاء النزاع قائما بالفعل وذلك كله قبل أن يصدر أمره بوضع المال المذكور تحت الحراسة القضائية وعليه فقاضي المستعجلة في هذه النقطة يتعين عليه التأكد من الجوهر قبل اصدار الحكم لأن ذلك من شأنه أن يضر ويحرم أصحاب الحقوق من إدارة والتصرف في ممتلكاتهم .

  • ثانيا : الشروط الشكلية:

ينص الفصل 150 من ق . م . م . على أنه " يمكن أن يقدم الطلب في غير الأيام والساعات المعينة للقضاء المستعجل في حالة الاستعجال القصوى سواء إلى قاضي المستعجلات أو إلى مقر المحكمة وقبل التقيد "
كما جاء في الفصل 151 من نفس القانون " يأمر القاضي باستدعاء الطرف المدعى عليه طبقا الشروط المنصوص عليها في الفصول 37 - 38 - 39 من ق . م . م . إذا كانت هناك حالة استعجال قصوى "
من خلال الفصلين أعلاه يتضح أن قاضي المستعجلات يبث في القضايا الاستعجالية حتى في أيام العطل و أيام الأحاد . كما أن اختصاص القضاء الاستعجالي رهين باحترام هذه الشكليات والإجراءات إلى جانب القواعد المنصوص عليها في الفصول 31 إلى 129 من قانون المسطرة المدنية .
وعليه فطالب الإجراء سيتقدم بالطلب الاستعجالي إما في شكل مقال مكتوب - وهو ما يعرف في فقه المسطرة المدنية بالمقال الافتتاحي - أو في صورة محضر يحرره كاتب الضبط بناءا على تصريح الطالب شخصيا يوقع عليه أو يشار إلى عدم إمكانية التوقيع عليه أيضا أن يبين اسمه العائلي والشخصي ومهنته وموطنه وصفته واسم وصفة وموطن المدعي عليه إضافة إلى ذلك من الواجب عليه أن يسرد الوقائع المادية و التصرفات القانونية التي أدت إلى نشوب النزاع وأن يعزز طلبه بالوسائل والأسس القانونية المثبتة لادعائه و لأحقيته فيما يطالب به .
و بعد توصل القاضي الاستعجالي بالطلب الذي يمكن أن يقدم استثناء في غير الأيام والساعات العادية يعين ميعاد للجلسة ويستدعي الطرف المدعي عليه طبقا للفصول 37 - 38 - 39 قانون المسطرة المدنية . إلا إذا كانت هناك حالة استعجال قصوى فلا حاجة للقيام بالاستدعاء .

  • الفقرة الثانية : الجهة المختصة بالبث في قضايا الأمور المستعجلة:

الأصل أن إسناد مهمة قاضي المستعجلات يكون الرئيس المحكمة ويقصد به رئيس المحكمة الابتدائية أو رئيس محكمة الاستئناف و بعد إحداث المحاكم التجارية و الإدارية خول لهم الاختصاص كذلك .

  • أولا ـ المرحلة الابتدائية :

بالرجوع للفصل 149 من قانون المسطرة المدنية . الذي ينص على أنه " يختص رئيس المحكمة الابتدائية وحده بالبت بصفته قاضيا للمستعجلات كلما توفر عنصر الاستعجال في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذ أو الأمر بالحراسة القضائية أو أي إجراء آخر تحفظي سواء كان النزاع في الجوهر قد أحيل على المحكمة أم لا ، بالإضافة إلى الحالات المشار إليها في الفصل السابق والتي يمكن لرئيس المحكمة الابتدائية أن يبت فيها بصفته قاضيا للمستعجلات .
إذا عاق الرئيس مانع قانوني أسندت مهام قاضي المستعجلات إلى أقدم القضاة . . . "
إذا القاعدة أن رئيس المحكمة الابتدائية هو المختص بالنظر في القضايا الإستعجالية واستثناءا ينتقل الاختصاص إلى أقدم القضاة بالمحكمة إذا كان ثمة مانع يحول دون مباشرة الرئيس شخصيا لهذه المسطرة وإسناد الاختصاص لرئيس المحكمة راجع لما يمتاز به هذا الأخير من تكوين قضائي واسع وثقافة قانونية وخبرة تخول له إمكانية البث بصورة إستعجالية في الطلبات الإستعجالية المعروضة عليه دون المس بالجوهر .

  • ثانيا - مرحلة الاستئناف :

إن البث في القضايا الاستعجالية كما هو موكول لرئيس المحكمة الابتدائية فإنه أيضا موكول الرئيس محكمة الاستئناف و ذلك بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 149 في فقرته الثالثة التي تنص على أنه " إذا كان النزاع معروضا على محكمة الاستئناف مارس هذه المهام رئيسها الأول " ، فانطلاقا من الفقرة المذكورة ينتقل الاختصاص في قضايا الأمور المستعجلة لرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بشرط أن يكون النزاع في الجوهر معروضا على أنظار محكمة الاستئناف.

المطلب الثاني : الطعن في الأوامر الاستعجالية و تنفيذها.

سنخصص الفقرة الأولى من هذا المطلب الطعن في الأوامر الإستعجالية ، لنفرد الفقرة الثانية منه للحديث عن تنفيذ هذه الأوامر .

  • الفقرة الأولى : الطعن في الأوامر الاستعجالية.

على الرغم من أن الأحكام الاستعجالية ذات طابع مؤقت ولا تبت في الجوهر ، فإنها أحكام قضائية ومن ثم تخضع للطعن شأن باقي الأحكام الأخرى .
فالأحكام الإستعجالية وإن كانت أحكاما وقتية ، فهي أحكام فاصلة في النزاع وإبطالها يقتضي من ذي المصلحة إتباع طريق من طرق الطعن التي رسمها المشرع ، وإلا أصبح الحكم المستعجل باتا ولم يعد من الممكن الطعن فيه و لو كان مغيبا .
فبالرجوع إلى الفقرة الرابعة من الفصل 153 من قانون المسطرة المدنية تنص على أنه : " يجب تقديم الاستئناف داخل اجل خمسة عشر يوما من تبليغ الأمر عدا في الحالات التي يقررها فيها القانون خلاف ذلك ، ويفصل في الاستئناف بصفة استعجالية . . . "
وكما اتضح من الفقرة أعلاه فإن استئناف الأحكام الاستعجالية يختلف في عن استئناف الأحكام العادية ويرجع هذا الاختلاف إلى الطبيعة الاستعجالية التي تميز مسطرة قضاء الأمور المستعجلة بشكل عام .
وتجدر الإشارة إلى أن الجهة المختصة بالبت في استئناف الأوامر الإستعجالية هي قضاء الموضوع وليس الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف وهذا ما عليه العمل في المحاكم وما يستفاد من النصوص التي لم تمنح للرئيس الأول النظر في هذا الاستئناف .

  • الفقرة الثانية : تنفيذ الأوامر الاستعجالية.

بالرجوع إلى الفصل 153 من ق . م . م . الذي ينص " على أن الأوامر الإستعجالية مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون وهذا يعني يباشر تنفيذها رغم الطعن فيها عن طريق الإستئناف على أنه ينبغي التأكيد على أن التنفيذ الذي نص عليه المشرع بخصوصها - الأوامر الإستعجالية - لا يقبل الوقف وهذه المسألة أحسن المشرع الصنع فيها إذ لم يعتبر تنفيذها قابلا للوقف خلافا لما نجده بالنسبة لتنفيذ المعجل المتعلق بالمستندات الرسمية و التعهدات المعترف بها والأحكام السابقة غير المستأنفة وبخصوص التنفيذ المعجل الذي يأمر به القضاء على سبيل الجواز "
ويقصد بصعوبة التنفيذ : " المنازعات الواقعية والقانونية التي يثيرها المحكوم عليه أو المحكوم له أو الغير بشأن تنفيذ الأحكام والسندات القابلة لتنفيذ أمام قاضي الأمور المستعجلة قصد اتخاذ إجراء يتميز بالطابع الوقتي هو وقف التنفيذ "
و حسب الفصل 149 من قانون المسطرة المدنية يرجع الاختصاص في الصعوبات الوقتية المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل لتنفيذ إلى رئيس المحكمة الابتدائية إذا كان النزاع لم يعرض بعد على محكمة الاستئناف سواء عرض في الجوهر على المحكمة الابتدائية أم لا فالرئيس إذا هو صاحب الولاية العامة أن جاز القول في القضاء المستعجل إذ يختص بالبت فيه ما لم يكن فيه نص ينيط الاختصاص بجهة أخرى وإذا كان النزاع معروض على محكمة الاستئناف فإن رئيسها الأول هو صاحب الاختصاص غير أن الأخير لا يكون مطلق وإنما يقتصر على النظر في صعوبات تنفيذ قرارات الرئيس الأول دون الصعوبات التي تثار بشأن السندات القابلة للتنفيذ أو المشمولة بالصيغة التنفيذية لأن هذه الأخيرة عادة ما تعرض على رئيس المحكمة الابتدائية .
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق