القائمة الرئيسية

الصفحات

قراءة في مستجدات قانون الكراء التجاري 49.16

قراءة في مستجدات قانون الكراء التجاري 49.16

بعد انتظار طويل صدر مؤخرا قانون كراء العقارات او المحلات المخصصة للاستعمال التجاري او الصناعي او الحرفي تحت رقم 49.16، وتتجلى أهميته في كونه ينظم علاقة تعاقدية ذات بعد اجتماعي حساس، كما جاء ليخلصنا من كوارث ظهير 1955 الذي عرف بالصياغة الغامضة وكذا كثرة المساطر المعقدة وعدم مراعاة التوازن بين حقوق أطراف العلاقة، الأمر الذي نتج عنه تضارب الاحكام القضائية و الآراء الفقهية.
أما القانون الحالي فقد جاء تجاورا لمجموعة من الإشكالات والعيوب التي أفرزها الواقع العملي، محاولا منح توازن لأطراف العلاقة، وضمان انسجامه مع قوانين أخرى، وتكريس اجتهادات قضائية دون أن يتناسى حفظ مصالح المقاولة وتحسين وضعية الاستثمار وخلق جو المبادرة.
اذن ماهي أبرز المستجدات التي جاء بها قانون 49.16 المتعلق بكراء العقارات أو المحلات المخصصة للاستعمال التجاري او الصناعي؟
ذلك ما سنحاول مناقشته حسب الترتيب التالي:

  • فيما يتعلق بالاختصاص:

الاختصاص بقضايا الكراء التجاري في ظل القانون رقم 49.16 اختصاصا اصيلا للقضاء التجاري، وذلك ما جاء من خلال المادة 35 منه. تختص المحاكم التجارية بالنظر في النزاعات المتعلقة بتطبيق هذا القانون، غير انه ينعقد الاختصاص للمحاكم الابتدائية طبقا للقانون المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة.
غير ان الصياغة التي جاءت لم تحسم بشكل كبير كل النقاش الدائر حول مسألة الاختصاص النوعي بقضايا الكراء التجاري، وتركت مسألة الاختصاص معلقة على قانون مستقبلي يتعلق الأمر بمشروع قانون 15.38 المتعلق بالتنظيم القضائي والذي قد يعتمد اولا ولا يعتمد من طرف المشرع حيث جاء فيه إحداث اقسام تجارية بعض المحاكم الإبتدائية، تختص بالنظر في القضايا التي تختص بها المحاكم التجارية، بغيه تقريب القضاء التجاري من المتقاضين في الدوائر التي لا توجد بها محاكم تجارية.
وهكذا ظلت الاحالة واضحة على مشروع التنظيم القضائي، حيث كان من المتوقع ان يصدر القوانين في وقت واحد، لكن قانون 49.16 سبق مشروع قانون التنظيم القضائي عموما وفي ظل الصياغة الحالية للمادة 35 السابقة الذكر، فان اختصاص قضاء الكراء التجاري يسند للمحاكم التجارية و الاقسام التجارية التي ستحدث بالمحاكم الابتدائية في حاله اقرار مشروع قانون 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي.
وتبقى المحاكم الابتدائية مختصة بقضايا الكراء التجاري التي تقل قيمتها عن 20.000 درهم إعمالا للمادة 6 من القانون المحدث للمحاكم التجارية، كما ستبقى المحاكم الأبتدائية مختصة بقضايا مراجعة و اداء وجيبة كراء المحلات التجارية، ما دام ان القانون رقم 99.64 المتعلق بإستيفاء الوجيبة الكرائية يسند الإختصاص صراحة للمحكمة الابتدائية ولرئيسها بشان المطالبة بواجب الكراء.
كل ذلك ما لم يتعلق الامر بدعاوى بين تجار بشأن أعمالهم التجارية، او بعمل تجاري مختلط، اختار بشأنه الطرف المدني اللجوء الى القضاء التجاري بحيث ينعقد الاختصاص للمحكمة التجارية اعمالا للمادة الخامسة من قانون 53.95.

  • فيما يتعلق بالكتابة:

على خلاف ظهير 1955 الذي خول إمكانية التعاقد بصفة شفوية، فقد ذهب المشرع من خلال القانون رقم 49.16 إلى التوسيع من دائرة الكتابة، وذالك عندما إشترط وجوب تحرير العقد كتابة من خلال المادة 3 منه، وبهذا يكون المشرع قد إنتقل من شكلية إثبات إلى شكلية إنعقاد، وهذا ما يساهم بشكل جدي في تقليل النزاعات المعروضة على القضاء. اما في حالة غياب الكتابة فإن ذالك يؤدي الى الحرمان من تطبيق القانون 49.16، وبالتالي الخضوع للقواعد العام المقررة في قانون ل.ع.

  • فيما يتعلق بالمدة:

لضمان زبناء المحل لابد من ضمان المحل، لذالك يكتسب المكري الحق في الكراء بمرور مدة معينة، نص عليها في المادة 4 من قانون 49.16، وقد اقر المشرع من خلال نفس المادة إستثناءين؛ من قدم مبلغا ماليا مقابل الحق في الكراء ويجب توثيق كتابة في عقد الكراء او قضى عقد منفصل.

  • فيما يتعلق بنطاق التطبيق:

خلافا لظهير 24 ماي 1955 الذي لم يكن دقيقا بشأن مجال تطبيقه، فقد عمل المشرع خلال المادة الاولى والثانية من القانون رقم 49.16 المتعلق بكراء العقارات او المخلات المخصصة للاستعمال التجاري او الصناعي او الحرفي، على التنصيص على بعض المجالات التي تسري عليها مقتضيات القانون الجديد والتي لم يكن منصوص عليها في ظل مؤسسات التعليم الخصوصي، او التي تمارس فيها التعاونيات نشاطا تجاريا، او عقود كراء المحلات التي تمارس فيها المصحات المؤسسات المماثلة نشاطها، او التي تمارس فيها النشاط الصيدلي والمختبرات الحاصلة للتحاليل البيولوجية الطبية وعيادات الفحص بالأشعة، وكلها مجالات تقدم خدامات إجتماعية ذات صلة بحياة المواطن. لذا رأى جانب من الفقه ان المشرع لم يكن موفقا في إقحامه في إطار الكراء التجاري.

  • فيما يتعلق بحقوق المكتري:

- حق المكتري بإضافة انشطة مكملة للأصل التجاري:
خول للمكتري امكانية اضافة انشطة مكملة للأصل التجاري وذالك حتى يبقى حبيس الأصل التجاري، وهكذا نصت المادة 22 من القانون 49.16.
- الحق في إحداث تغيرات:
اتاح المشرع للمكتري من إحداث تغيرات شريطة ان لا يكون لها تأثير على سلامة البناء، ولا تزيد من تحملات المكري وذالك في إطار التغيرات الطفيفة.
- الحق في الكراء من الباطن:
وتعتبر من الأمور المستجدة التي جاء بها قانون 49.16، ويعتبر كل من المكتري الأصلي المكتري الفرعي ملزمان بالتضامن في مواجهة المكري عند الإلتزامات الناتجة عن العقد الأصلي، وذالك ما جاء في المادة 24 من القانون السالف الذكر.
- الحق في تفويت الحق في الكراء:
وقد عمل المشرع على التفصيل فيه اكثر خلافا لظهير 1955، وهكذا نصت المادة 25 من قانون 49.16 على ما يلي: يحق للمكتري تفويت حق الكراء، مع بيان عناصر الأصل التجاري أو مستقلا عنها دون ضرورة الحصول على موافقة المكري، بالرغم من كل شرط مخالف.
- الحق في التعويض نتيجة إنهاء العلاقة الكرائية:
عمل المشرع على وضع اسس عملية مضبوطة لإنهاء العلاقة الكرائية، وهكذا نجد المادة 7 من قانون 49.16 تنص على ؛ يستحق المكتري تعويضا عن إنهاء عقد الكراء مع مراعات الإستثناءات الواردة في هذا القانون.
يعادل التعويض ما لحق المكتري من ضرر ناجع عن الإفراغ.
- الحق في الرجوع والأسبقية:
حدد المشرع الحالات التي يحق فيها للمكتري الحق في الرجوع وذالك في حالة الهدم وإعادة البناء وكذالك حالة المحلات الآيلة للسقوط.
وقد نصت المادة 14 من القانون 49.16 على ما يلي؛ إذا تعدد المكترون يكون الحق في الأسبقية في المحلات التجارية المعاد بناؤها كالأتي: حق الاسبقية يعطي لاقدمهم الذي عبر عن رغبته في خيار الرجوع...

  • - فيما يتعلق بحقوق المكري:

الحق في مراجعة السومة الكرائية ؛
يبقي المكري مطالبة المكتري بالزيادة في نسبة الوجيبة الكرائية المحددة في عقد الكراء إذا تبين ان هذه الوجيبة لا تتناسب والرأسمال الموظف في المحل المكتري او لا تتناسب وقيمة المنفعة التي يجنيها المكتري وتوابعه. وقد نصت المادة من قانون 49.16 على ؛ تطبق على الوجيبة الكرائية مقتضيات القانون 07.03 المتعلق بمراجعة أثمان كراء المحلات المعدة للسكنى او الاستعمال المهني او التجاري او الصناعي او الحرفي.
الإعفاء من اداء التعويض؛ ثم التنصيص من خلال المادة 8 من هذا القانون على ضمانات بالنسبة للمكري ومن بينها ان المكري لا يلزم بأداء اي تعويض للمكتري في حالات حددتها هذه المادة ومن ابرزها اذا لم يؤدي المكتري الوجيبة الكرائية داخل اجل خمسة عشر يوما، من تاريخ توصله بالإنذار وكان مجموع بذمته على الأقل ثلاثة اشهر من الكراء...
عموما تبقى هذه الضمانات اهم المستجدات الواردة في قانون 49.16 علما ان هناك مقتضيات اخرى لم يتسنى لنا ذكرها. والذي تؤكد لنا ان المشرع المغربي قد حاول من خلالها ملء الفراغ التشريعي الذي كان في ظهير 1955 وتصحيح إشكالاته العملية.



هل اعجبك الموضوع :

تعليقات